الحرب في غزة وأثرها على تركيا مستقبلاً

0

الحرب في غزة وأثرها على تركيا مستقبلاً

آراء

لاتزال الحرب الإسرائيلية على قطاع عزة هي الحدث الأبرز الذي يحتل حيزاً كبيراً من الأخبار البرامج الحوارية في الاعلام  التركي في هذه الأيام.

وعلى الرغم من اختلاف وجهات النظر ما بين أعضاء الحكومة الحالية والمعارضة المختلفة فيما بينها أصلاً ، إلا أن بعض الآراء قد تتقاطع أحيانا أو تتفق ” حرصاً على عدم انزلاق تركيا إلى مستنقع الحرب المقبلة ” كما يحب أن يقول البعض أثناء بعض اللقاءات الحوارية السياسية ..

ويرى بعض رموز المعارضة التركية أن الحرب في غزة ربما تبدو  ظاهرياً حرباً بين حماس وإسرائيل ، لكنها في الحقيقة – بحسب رأيهم – حرب موجهة بالدرجة الأولى ضد إيران ، ومن ثم تركيا . فالهدف الأساسي هو تقسيمها كما قسمت العراق وسوريا من قبل الى مناطق سنية وشيعية وعلوية وكردية متحاربة فيما بينها بشكل مستمر خدمةً لمصالح إسرائيل والقوى العالمية  .

ويبدي مسؤولون أتراك آخرون تخوفهم من وفود موجة جديدة من اللاجئين الجدد ، لكن هذه المرة من فلسطين وإسرائيل ، وربما مستقبلا من إيران في حال انتقلت الحرب إليها  .

ومع وفود لاجئين أو نازحين إضافيين إلى تركيا ستضطر تركيا الى تحمل أعبائهم وأعباء اللاجئين السابقين من سوريين وايرانيين وأفغان وعرب ، وهي التي تعلن مراراً صرفها مليارات الدولارات عليهم على شكل مساعدات مادية وصحية وتعليمية وغيرها .

لكن الأهم هو أن وجود لاجئين إسرائيليين في تركيا يمكن أن يزعزع الأمن في تركيا خصوصاً مع وجود لاجئين فلسطينيين أو عرب أو مسلمين في تركيا أصلا ، وإن ما حصل في مصر قبل أيامٍ خير دليل على ذلك ، حيث قُتل بعض السياح الاسرائيليين بسلاح مواطن مصري انتقاماً بسبب الجرائم التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي بحق المدنيين في غزة .

ويرى محللون أتراك ضرورة عدم استقبال أي لاجىء اسرائيلي أو فلسطيني على الإطلاق ، حيث أن هناك الكثير من الدول الأوربية وغيرها تتعاطف مع اليهود بشكل خاص، وهي أولى باستقبالهم من غيرهم .

ويذهب سياسيون معارضون أتراك الى أن إسرائيل كانت قد غضت النظر عن الهجوم الذي قامت به حماس ، على الرغم من معرفتها بوقعه الوشيك .. حيث أن المخابرات المصرية كان قد أعلنت بأنها سبق وأن نبهت نظراءها الاسرائيليين من نية حماس القيام بهجوم وشيك على اسرائيل ، كما أن إسرائيل – بحسب السياسيين – تتمتع بأقوى منظومة استخبارية عالمية ( الموساد )، والتي تمكنها من مراقبة تحركات كل مواطن فلسطيني بادق التفاصيل على مدار الساعة .. فكيف يتم اختراقها بهذه السهولة ؟! وكيف يمكن لإسرائيل أن تسمح بالتضحية أو قتل مئات من مواطنيها على يد حركة حماس ؟ يتساءل البعض ..

يجيب أحد السياسيين الأتراك بأن الدول الدينية أو العقائدية المتشددة مثل اسرائيل لا مشكلة لديها بالتضحية ببعض مواطنيها في سبيل تحقيق مكتسبات وأهداف دينية أسمى ، حيث سيكون الهدف المستقبلي هو اعادة تقسيم الشرق الأوسط من جديد واختلاق فوضى مدروسة أو ” خلاقة ” .
وقد قامت الولايات المتحدة سابقا باختراع كذبة ” احداث ١١ سبتمبر ” لتبرير هجوما على أفغانستان بعد أن قامت بالتضحية بآلاف الأمريكيين في برجي التجارة في نيويورك .

ويشير البعض في تركيا الى أنه لاشيء يحدث مصادفة في تركيا . فالانتخابات الأخيرة واستمرار الحكومة الحالية في الحكم، والخلافات التي تحصل حاليا ضمن حزب الشعب الجمهوري ماهي إلا أمور خطط لها بعناية ، حيث أن إصرار قلجدار أوغلو على البقاء في رئاسة حزب الشعب الجمهوري هو تلبية لإرادة بعض القوى التي تريد إثارة فتنة داخلية في تركيا.
ولايخفى على الكثيرين بأن تلك القوى تريد بقاء رئاسة أكبر حزب معارض وهو حزب الشعب الجمهوري بيد العلويين ، كما أنها تطمح في بقاء رئاسات البلديات التابعة للحزب في يد العلويين أيضاً ، وهذا الأمر الذي تسبب مؤخراً في تأجيج الخلافات الداخلية ضمن حزب الشعب الجمهوري ، والذي ارتفعت فيه أصوات مطالبة بتنحية قلجدار أوغلو بعد خسارته المريرة أمام الرئيس أردوغان .

ما هو الحل في مواجهة العاصفة أو الحرب المقبلة ؟

يتفق غالبية السياسيين من معارضة وموالاة على اقتراب الحرب التي ستنتقل غالبا الى الداخل الإيراني والذي سيتسبب بتقسيمها لاحقا ، وستكون بلاشك تركيا هي الهدف التالي للقوى العالمية في ظل هذا الحشد الكبير للقواعد والقوات الامريكية حولها ، والذي كان آخرها في سوريا ، ومن ثم اقتراب بوارجها الحربية او حاملات طائراتها من سواحل المتوسط ..

وسيكون الهدف المستقبلي بحسب بعض السياسيين هو تقسيم تركيا الى ثلاث دويلات  : سنية ( اتراك وقوميون محافظون ) وعلوية وكردية ، أي تطبيق النموذج السوري والعراقي ومن ثم الايراني في تركيا .

ويشدد السياسيون الأتراك على اختلاف وجهات نظرهم إلى ضرورة قيام تركيا بالنأي بنفسها عن الانزلاق في المستنقع الذي ستقوم الولايات المتحدة والقوى العالمية الاخرى بجرها إليه ، وذلك من خلال دعم التوافق الداخلي بين الأحزاب السياسية المتناحرة والتنبيه من خطورة الحرب وتأثيرها السلبي على تركيا في حال وقوعها .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

Don`t copy text!